﴿الله﴾ أي الذي له جميع العظمة كما زعمتم في كل وقت يريده ﴿أطعمه﴾ أي لكنا ننظره لا يشاء ذلك فإنه لم يطعمهم لما نرى من فقرهم فنحن أيضاً لا نشاء ذلك بموافقة لمراد الله فيه فتركوا التأدب مع الأمر وأظهروا التأدب مع بعض الإرادة المنهي عن الجري معها والاستسلام لها، وما كفاهم حتى قالوا لمن أرشدهم إلى الخير على طريق النتيجة لما تقدم: ﴿إن﴾ أي ما ﴿أنتم إلا في ضلال﴾ أي محيط بكم ﴿مبين *﴾ أي في غاية الظهور، وما دروا أن الضلال إنما هو لهم لأنه سبحانه إنما جعل إطعام بعض خلقه بلا واسطة وبعضهم بواسطة امتحاناً منه للمطيع والعاصي والشاكر والكافر والجزع والصابر - وغير ذلك من حكمه.
ولما ذكر قلة خيرهم المستندة إلى تهكمهم باليوم الذي ذكروا به بالأمر بالاتقاء والتعليل بترجي الرحمة، أتبعه حكاية استهزاء آخر منهم دال على عظيم جهلهم بتكذيبهم بما يوعدون على وجه التصريح بذلك اليوم والتصوير له بما لا يسع من له أدنى مسكة غير الانقياد له فقال: ﴿ويقولون﴾ أي عادة مستمرة مضمونة إلى ما تقدم مما يستلزم تكذيبهم، وزادوا بالتعبير بأداة القرب في تقريعهم إشارة إلى أنكم زدتم علينا