بما كثر جعله محط الرذائل والحظوظ والنقائص أدل على عموم نفي الظلم قال: ﴿نفس﴾ أي أيّ نفس كانت مكروهة أو محبوبة ﴿شيئاً﴾ أي لا يقع لها ظلم ما من أحد ما في شي ما. ولما كانت المجازاة بالجنس أدل على القدرة وأدخل في العدل، قال محققاً بالخطاب والجمع أن المنفي ظلمه كل من يصلح للخطاب لئلا يقع في وهم أن المنفي ظلمه نفوس مخصوصة أو نفس واحد: ﴿ولا تجزون﴾ أي على عمل من الأعمال شيئاً من الجزاء من أحد ما ﴿إلا ما كنتم تعملون *﴾ ديدناً لكم بما ركز في جبلاتكم.
ولما قرر أن الجزاء من جنس العمل، شرع في تفصيله، وبدأ بأشرف الحزبين في جواب من سأل عن هذا الجزاء فقال مؤسفاً لأهل الشقاء بالتذكير بالتأكيد بما كان لهم من الإنكار في الدنيا وإظهار للرغبة في هذا القول والتبجح به لما له من عظيم الثمرة: ﴿إن اصحاب الجنة﴾ أي الذين لا حظ للنار فيهم، وكرر التعبير باليوم تعظيماً لشأنه وتهويلاً لأمره على إثر نفختيه المميتة والمقيمة بذكر بعض ثمراته، وجمل من عظائم تأثيراته، فقال: ﴿اليوم﴾ أي يوم البعث، وهذا يدل على أنه يعجل دخولهم أو دخول بعضهم إليها ووقوف الباقين للشفاعة ونحوها من الكرامات عن دخول أهل النار النار، وعبر بما يدل على أنهم


الصفحة التالية
Icon