إلى ذلك، بل أرسل إليهم رسلاً وأنزل عليهم كتباً: ﴿ألم أعهد﴾ أي أوصيكم إيصاء عظيماً بما نصبت من الأدلة، ومنحت من العقول، وبعثت من الرسل، وأنزلت من الكتب، في بيان الطريق الموصل إلى النجاة، لافتاً القول عن مظهر الإحسان إلى ما هو أولى به من مظهر التكلم بالوحدة دفعاً للبس، ثم أشار إلى علوه وجلاله، وعظمه وسمو كماله فقال: ﴿إليكم﴾.
ولما كان المقصود بهذا الخطاب تقريعهم وتوبيخهم وتبكيتهم، وكانت هذه السورة القلب، وكان القلب أشرف الأعضاء، وكان الإنسان أشرف الموجودات، خصه بالخطاب لأنه خطابه خطاب للجن فقال مؤكداً ما أفهمه حرف الغاية من علو رتبته، وعظيم منزلته بما أشارت إليه أداة البعد: ﴿يا بني آدم﴾ أي فلم أخصكم بذلك عن أبناء غير نوعكم ليكون ذلك التخصيص حاملاً لكم على العصيان بل ليكون موجباً للطاعات والعرفان: ﴿أن لا تعبدوا الشيطان﴾ أي البعيد المحترق بطاعتكم له فيما يوسوس لكم به، ثم علل النهي عن عبادته بما يقتضي


الصفحة التالية
Icon