صوبنا كلامنا إليه حق القول عليه ولم يمنعه مانع، ولا يتصور له دافع ﴿أولم يروا﴾ أي يعلموا علماً هو كالرؤية ما هو أظهر عندهم دلالة من ذلك في أجل أموالهم، ولا يبعد عندي - وإن طال المدى - أن يكون معطوفاً على قوله: ﴿ألم يروا كما أهلكنا قبلهم من القرون﴾ فذاك استعطاف إلى توحيده بالتحذير من النقم، وهذا بالتذكير بالنعم، ونبههم على ما في ذلك من العظمة بسوق الكلام في مظهرها كما فعل في آية إهلاك القرون فقال: ﴿أنا خلقنا لهم﴾ وخصها بنفسه الشريفة محواً للأسباب وإظهاراً لتشريفهم بتشريفها في قوله: ﴿مما عملت﴾.
ولما كان الإنسان مقيداً بالوهم لا ينفك عنه، ولذلك يرة الأرواح في المنام في صور أجسادنا، وكانت يده محل قدرته وموضع اختصاصه، عبر له بما يفهمه فقال: ﴿أيدينا﴾ لأي بغير واسطة على علم منا بقواها ومقاديرها ومنافعها وطبائعها وغير ذلك من أمورها ﴿أنعاماً﴾ ثم بين كونها لهم بما سبب عن خلقها من قوله: ﴿فهم لها مالكون *﴾ أي ضابطون قاهرون من غير قدرة لهم على ذلك لولا قدرتنا بنوع التسبب.


الصفحة التالية
Icon