ولما كانت هذه الأشياء من العظمة بمكان، لو فقده الإنسان لتكدرت معيشته، سبب عن ذلك استئناف الإنكار عليهم في تخلفهم عن طاعته بقوله: ﴿أفلا يشكرون *﴾ أي يوقعون الشكر، وهو تعظيم المنعم لما أنعم وهو استفهام بمعنى الأمر.
ولما ذكرهم نعمه، وحذرهم نقمه، عجب منهم في سفول نظرهم وقبح أثرهم، فقال موبخاً ومقرعاً ومبكتاً ومعجباً من زيادة ضلالهم عادلاً عن مظهر العظمة إلى أعظم منه: ﴿واتخذوا﴾ أي فعلنا لهم ذلك والحال أنهم كلفوا أنفسهم على غير ما تهدي إليه الفطرة الأولى أن أخذوا، أو يكون معطوفاً على «كانوا» من قوله: ﴿إلا كانوا به يستهزءون﴾ فيكون التقدير: إلا كانوا يجددون الاستهزاء، واتخذوا قبل إرساله إليهم مع ما رأوا من قدرتنا وتقبلوا فيه من نعمتنا: ﴿من دون الله﴾ أي الذي له جميع العظمة، فكل شيء دونه، وما كان دونه كان مقهوراً مربوباً ﴿آلهة﴾ أي لا شيء لها من القدرة ولا من صلاحية الإلهية. ولما تقرر أنها غير صالحة لها أهلوها له، تشوف السامع إلى السؤال عن