ولما كان التقدير: فبعد - مع أنا تفردنا بالإنعام عليه - عيرنا وخاصم - بما خلقناه له من اللسان وآتيناه من البيان - رسلنا وجميع أهل ودنا، عطف عليه قوله مقبحاً إنكارهم البعث تقبيحاً لا يرى أعجب منه، ولا أبلغ ولا أدل على التمادي، في الضلال والإفراط في الجحود وعقوق الأيادي: ﴿وضرب﴾ أي هذا الإنسان؛ وسبب النزول أبي بن خلف الجمحي الذي قتله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأحد مبارزة، فهو المراد بهذا التبكيت بالذات وبالقصد الأول ﴿لنا﴾ أي على ما يعلم من عظمتنا ﴿مثلاً﴾ أي آلهته التي عبدها لكونها لا تقدر على شيء مكابراً لعقله في أنه لا شيء يشبهنا ﴿ونسي﴾ أي هذا الذي تصدى على نهاية أصله لمخاصمة الجبار، وأبرز صفحته لمجادلته، والنسيان هنا يحتمل أن يكون بمعنى الذهول، وأن بكون بمعنى الترك ﴿خلقه﴾ أي خلقنا لهذا المخاصم الدال على كمال قدرتنا، وأن آلهته التي أشرك بها لا تقدر على شيء فافترق الحال الذي جمعه بالمثل أيّ افتراق وصارا مقولاً له: يا قليل الفطنة! أفمن يخلق كمن لا يخلق؟ أفلا تذكرون؟ ثم استأنف الإخبار عن هذا المثل بالإخبار عن استحالته


الصفحة التالية
Icon