فقال: ﴿خلقنا﴾ أي من هذه الأشياء التي عددناها من الحي وغيره من الجن الذين أعطيناهم قدرة التوصل إلى الفلك وغيرهم، وعبر ب «من» تغليباً للعاقل من الملائكة وغيرهم مما بين السماوات والأرض.
ولما كان الجواب قطعاً أن هذه المخلوقات أشد خلقاً منهم وأنهم هم من أضعف الخلائق خلقاً، قال دالاً على إرادة التهكم بهم في السؤال، مؤكداً إشارة إلى أن إنكارهم البعث لاستبعادهم تمييز التراب من التراب يلزم منه إنكار ابتداء الخلق على هذا الوجه: ﴿إنا خلقناهم﴾ أي على عظمتنا ﴿من طين﴾ أي تراب رخو مهين ﴿لازب *﴾ أي شديد اختلاط بعضه ببعض فالتصق وضمر وتضايق وتلازم بعضه لبعض، وقل واشتد ودخل بعض التراب المنتثر من بعض، قال ابن الجوزي: قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الطين الحر الجيد اللزق.
وإنما كانوا من طين لأن أباهم آدم كان منه من غير أب ولا أم، فصاروا بهذا التقدير بعض الطين الذي هو بعض خلقه الذي عدده قبل ذلك سبحانه الذاتية التي لا يمتنع عليها مقدور، ولا يعجزها مأمور، فدل ابتداء خلقهم وخلق ما هو أشد منهم وأعظم