عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً: «عجب ربنا من أقوام يقادون إلى الجنة في السلاسل» ومثله كثير، والمعنى في الكل التنبيه على عظم الفعل وأنه خارق للعادة، ويجوز أن يكون المعنى أنهم لم ينكروه لقلة الدلائل عليه، بل قد أتى من دلائله ما يعجب إعجاباً عظيماً من كثرته وطول الأناة في مواترته ﴿ويسخرون *﴾ أي حصل لك العجب والحال أنهم يجددون السخرية كلما جئتهم بحجة ﴿وإذا ذكروا﴾ أي وعظوا من أيّ واعظ كان بشيء هم به عارفون جداً يدلهم على البعث مثل ما يذكرون به من القدرة، مع أنه لا يجوز في عقل عاقل منهم أن أحداً يدع مَن تحت يده بلا محاسبة ﴿لا يذكرون *﴾ أي لا يعملون بموجب التذكير.
ولما ذكر إعراضهم عن المسموع، أتبعه إعراضهم عن المرئي فقال: ﴿وإذا رأوا آية﴾ أي علامة على صدق الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيره ﴿يستسخرون *﴾ أي يطلبون السخرية بها بأن يدعو بعضهم بعضاً لذلك من شدة استهزائهم.
ولما كان إنكارهم للبعث ولو صدر مرة واحدة في الشناعة والعظم والقباحة مثل تجديدهم للسخرية كلما سمعوا آية والمبالغة فيها


الصفحة التالية
Icon