وتصويراً بقوله: ﴿طلعها﴾ أي الذي هو مثل طلع النخل في نموه ثم تشققه عن ثمرة ﴿كأنه رءوس الشياطين *﴾ فيما هو مثل عند المخاطبين فيه، وهو القباحة التي بلغت النهاية، وهذا المثل واقع في أتم مواقعه سواء كان الشيطان عندهم أسماً للحية أو لغيرها، لأن قبح الشياطين وما يتصل بهم في أنهم شر مخص لا يخلطه خير مقرر في النفوس، ولهذا كان كل من استقبح منظر إنسان أو فعله يقول: كأنه شيطان، كما انطبع في النفوس حسن الملائكة وجلالتهم فشبهوا لهم الصور الحسان، ولذلك سمت العرب ثمر شجر يقال له الأستن بهذا الاسم، وهو شجر خشن مر منتن منكر الصورة.
ولما أثبت أمرها بما هو في غاية الفتنة لها واللطف للمؤمنين، سبب عن الفتنة بها قوله: راداً لإنكارهم أن يأكلوا مما لا يشتهونه ومكذباً لما كانوا يدعون من المدافعة: ﴿فإنهم﴾ أي بسبب كفرانهم بها وبغيرها مما أمرهم الله ﴿لآكلون منها﴾ أي من هذه الشجرة من شوكها وطلعها وما يريد الله بما يؤلم منها. ولما كانوا قد زادوا في باب التهكم في أمرها، زاد التأكيد في مقابلة ذلك بقوله: ﴿فمالئون منها﴾ ومن غيرها في ذلك الوقت الذي يريد الله أكلهم منها ﴿البطون *﴾


الصفحة التالية
Icon