الفردوس التي لا يبغون عنها حولاً كما ينقل أهل السعة والأكابر من أهل الدنيا ضيوفهم في البساتين المتواصلة والمناظر، وينزهونهم في القصور العالية والدساكر.
ولما أخبر عن عذابهم هذا، وكان سببه الجمود مع العادة الجارية على غير الحق، والتقيد بما ألفته النفس ومال إليه الطباع، مما أصّله من يعتقدون أنه أكبر منهم وأتم عقلاً، علل ذلك تحذيراً من مثله لأنه كان سبب هلاك أكثر الخلق، وأكده لأنهم ينكرون ضلال من أصّل لهم، فتلك العوائد من آبائهم وغيرهم فقال: ﴿إنهم ألفوا﴾ أي وجدوا وجدانا ألفوه ﴿آباءهم ضالين *﴾ أي عريقين في الضلال، فما هم فيه لا يخفى على أحد أنه ضلال يتسبب عنه النفرة عن صاحبه ﴿فهم﴾ أي البعداء البغضاء ﴿على آثارهم﴾ أي التي لا تكاد تبين لأحد لخفاء مذاهبها لوهيها وشدة ضعفها وانطماس معالمها، لا على غيرها ﴿يهرعون *﴾ أي كأنهم يلجئهم ملجئ إلى الإسراع، فهم في غاية المبادرة إلى ذلك من غير توقف على دليل ولا استضاءة بحجة


الصفحة التالية
Icon