بن أبي أسامة وأبو يعلى الموصلي وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم والطبراني في معجمه الأوسط عن أبي أمامة الباهلي وأبي ذر رضي الله عنهما وفي بعض طرق أبي ذر التصريح بالإرسال ولا يشك أحد أنه كان رسولاً إلى جميع من أدركه من أولاده، وهم جميع أهل الأرض، وكذلك نوح عليه السلام، لا يشك أحد أنه كان بعد الغرق رسولاً إلى جميع أهل السفينة كما كان قبل ذلك: وهم جميع أهل الأرض، فما قدمت من أن الخصوصية بالإرسال إلى ذوي الألسن المختلفة من جميع بني آدم، وإلى المخالف في الجنس من كل من ينوس هو المزيل للإشكال - والله الموفق.
ولما كان لإبراهيم عليه السلام من التجرد عن النعوت البشرية والعلائق النفسانية إلى الأحوال الملكية ما لم يكن لمن بينهما من النبيين من المصارحة بالمعارضة لقومه، والإبلاغ فيها بكسر الأوثان، وتوهية مذهب الكفران، والانفراد عما سوى الله في غمرات النيران، حتى عن الدعاء بقلب أو لسان فناء عن جميع الأكوان، ثم الهجرة عن الأوطان، ثم بالخروج عن الأحباب والأخوان، بوضع ابنه بكره وسريته في ذلك المكان، الذي ليس به إنس ولا جان، ثم بمعالجة ذبحه بأتم قوة وأقوى جنان، ثم ببناء البيت ذوي الأركان، قبلة للمتجردين من أهل الإيمان في كل أوان، عما سوى الملك الديان، يصفون عند كل


الصفحة التالية
Icon