﴿في الآخرين *﴾ أي كل من يجيء بعدهما إلى يوم الدين. ولما ظهر بهذا أن لهما من الشرف والسؤدد أمراً عظيماً كانت نتيجته: ﴿سلام﴾ أي عظيم ﴿على موسى﴾ صاحب الشريعة العريق في الاتصاف بمقصود السورة ﴿وهارون *﴾ وزيره وأخيه. ولما كان نصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمن معه من الضعفاء على قريش وسائر العرب عند قريش في غاية البعد، وكان التقدير: فعلنا معهما ذلك لإحسانهما، علله بما يقطع قلوب قريش في مظهر التأكيد فقال: ﴿إنا كذلك﴾ أي مثل هذا الجزاء ﴿نجزي﴾ أي دائماً في كل عصر ﴿المحسنين *﴾ أي العريقين في هذا الوصف؛ ثم علل إحسانهما وبينه وأكده ترغيباً في مضمونه، وتكذيباً لمن يقول: إن المؤمنين لا ينصرون، بقوله: ﴿إنهما من عبادنا﴾ أي الذين محضوا العبودية والخضوع لنا ﴿المؤمنين *﴾ أي الثابتين في وصف الإيمان.
ولما كان إلياس أعظم المتجردين من أتباعهما المجددين لما درس من أحكام التوراة، وكان ترك أحكامها مع ما وصفت به من البيان وما دعت إليه من الاستقامة في غاية من الضلال تكاد أن لا يصدق


الصفحة التالية
Icon