عليهما السلام ﴿لمن المرسلين *﴾ ولما كان جل المقصود تبشير المؤمنين وتحذير الكافرين، وكان مخالفه كثيراً، وكان هو غريباً بينهم، قال في مظهر العظمة: ﴿إذ نجيناه﴾ أي على ما لمخالفيه من الكثرة والقوة، ولم يذكرهم لأنهم أكثر الناس انغماساً في العلائق البشرية والقاذورات البهيمية التي لا تناسب مراد هذه السورة المنبني على الصفات الملكية ﴿وأهله أجمعين *﴾ ولما كان الكفر قاطعاً للسبب القريب كما أن الإيمان واصلاً للسبب البعيد قال: ﴿إلا عجوزاً﴾ أي وهي امرأته فإن كفرها قطعها عن الدخول في حكم أهله فجردوا عنها، كائنة ﴿في الغابرين *﴾ أي الباقين في غبرة العذاب ومساءة الانقلاب.
ولما ذكر نجاته وابتدأ بها اهتماماً بالترجية قال مخوفاً معبراً بأداة البعد إفادة مع الترتيب لعظيم رتبة ما دخلت عليه: ﴿ثم دمرنا﴾ أي أهلكنا بما لنا من العظمة ﴿الآخرين *﴾ أي فجردنا الأرض من قاذوراتهم ونزهنا البلاد المقدسة منهم ومن أرجاس فعلاتهم، فلم نبق منهم أحداً ولا احتجنا في إهلاكهم إلى استئذان أحد. ولما كان المقصود من مثل هذا تحذير المخالفين، وكان تجار قريش يرون البقعة التي كانت فيها أماكن قوم لوط، وهي البحيرة المعروفة، ولا يعتبرون بهم، عدّوا


الصفحة التالية
Icon