أكدوه من العهد، فقال مؤكداً إشارة إلى أنه لا يكاد يصدق أن عاقلاً يؤكد على نفسه في أمر ثم يخلفه جواباً لمن يقول: هل نزهوه كما نزهه المخلصون: ﴿وإن﴾ أي فعلوا ذلك من الضلال بالشبه التي افتضحت بما كشفناه من ستورها ولم ينزهوا كما نزه المخلصون والحال أنهم ﴿كانوا﴾ قبل هذا ﴿ليقولون﴾ أي قولاً لا يزالون يجددونه مع ما فيه من التأكيد ﴿لو أن عندنا ذكراً﴾ أي على أيّ حال كان من أحواله من كتاب أو غيره ﴿من الأولين﴾ أي من الرسل الماضين ﴿لكنا عباد الله﴾ أي بحيث أنا نصير أهلاً للإضافة إلى المحيط بصفات الكمال ﴿المخلصين *﴾ أي في العبادة له بلا شائبة من شرك أصلاً.
ولما كان هذا الذكر - الذي أتاهم مع كونه أعظم ذكر أتى مصدقاً لكتب الأولين وكان الرسول الآتي به أعظم الرسل، فكان لذلك هو عين ما عقدوا عليه مع زيادة الشرف - سبباً لكفرهم قال: ﴿فكفروا به﴾ أي فتسبب عما عاهدوا عليه أنهم كفروا بذلك الذكر مع زيادته في الشرف على ما طلبوا بالإعجاز وغيره فتسبب عن ذلك تهديدهم ممن أخلفوا وعده، ونقضوا مع التأكيد عهده، فقال: ﴿فسوف يعلمون *﴾ أي بوعيد ليس هو من جنس كلامهم، بل هو مما لا خلف فيه بوجه.