ولما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي الرحمة لا يستأصل قومه بعذاب، قال دالاً على ذلك بتكرير الأمر تأكيداً للتسلية، ووعد النصرة مع ما فيه من زيادة المعنى على الأول، عاطفاً على «تولّ» الأولى: ﴿وتول﴾ أي كلف نفسك الصبر عليهم في ذلك اليوم الذي ينزل بهم العذاب الثاني والإعراض ﴿عنهم حتى حين *﴾ وكذا فعل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه حل بساحتهم يوم الفتح صباحاً، فلم يقدروا على مدافعة.
ولما كابر بعضهم ودافع، لم يكن بأسرع من أن ولوا وطلبوا السلامة بالدخول فيما جعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علماً على التأمين، وقال حماس بن قيس أخو بني بكر لما دخل بيته لامرأته: أغلقي عليّ الباب، فعيرته بالهزيمة بعن أن كانت تنهاه عن منابذة المسلمين فلا ينتهي ويقول لها: لا بد، أن أخدمك بعضهم:
إنك لو شهدت يوم الحندمه | إذ فر صفوان وفر عكرمه |