بل العجب كل العجب ممن يقبل عقله أن يكون الإله أكثر من واحد، أكدوا قولهم لذلك وإعلاماً لضعفائهم تثبياً لهم بأنهم على غاية الثقة والاعتقاد لما يقولون، لم يزلزلهم ما رأوا من منذرهم من الأحوال الغريبة الدالة ولا بد على صدقه، فسموها سحراً لعجزهم عنها: ﴿إن هذا﴾ أي القول بالوحدانية ﴿لشيء عجاب *﴾ أي في غاية العجب - بما دلت عليه الضمة والصيغة، ولذلك قرئ شاذاً بتشديد الجيم، وهي أبلغ قال الاستاذ أبو القاسم القشيري: فلا هم عرفوا الإله ولا معنى الإلهية فإن الإلهية هي القدرة على الاختراع، وتقدير القادرين على الاختراع غير صحيح لما يجب من وجود التمانع بينهما وجوازه، وذلك يمنع من كمالهما، ولو لم يكونا كاملي الوصف لم يكونا إلهين، وكل أمر جر ثبوته سقوطه فهو باطل مطرح - انتهى. وستأتي الإشارة إلى الرد عليهم بقوله: ﴿العزيز الوهاب﴾ ثم بقوله: ﴿وما من إله إلا الله الواحد القهار﴾.
ولما كان العجب فكيف بالعجاب جديراً بأن يلزم صاحبه ليزداد الناظر عجباً، بين أنهم فعلوا خلاف ذلك تصديقاً لمن نسبهم إليه من الشقاق فقال: ﴿وانطلق﴾ ولما كان ما فعلوه لا يفعله عاقل فربما ظن السامع أن المنطلق منهم أسقاط من الناس من غيرهم قال: ﴿الملأ﴾


الصفحة التالية
Icon