أهل الرسم وأكثر القراء على حذف يائه رسماً وقراءة إشارة إلى أنه العذاب الأدنى المذهب لحمية الجاهلية، وإثبات يعقوب وحده لها في الحالين إشارة إلى أنه العذاب المعد لإهلاك الأمم الطاغية لا مطلق العذاب.
ولما أرشد إنكارهم خصوصيته بالذكر بنفي شكهم اللازم منه إثبات أنهم على علم بأنه مرسل، وأنه أحقهم بالرسالة إلى أن التقدير: أفيهم غيره من هو أهل لتلقي هذا الذكر حتى ينزله الله عليه ويترك هذا البشير النذير صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عادل به قوله: ﴿أم عندهم﴾ أي خاصة دون غيرهم ﴿خزائن رحمة﴾ ولما كان إنزال الوحي إحساناً إلى المنزل عليه، عدل عن إفراد الضمير إلى صفة الإحسان المفيدة للتربية، فقال مخاطباً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه أضخم لشأنه، وأفخم لمقداره ومكانه: ﴿ربك﴾ أي المحسن إليك بإنزاله ليخصوا به من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا ﴿أهم يقسمون رحمة ربك﴾ [الزخرف: ٣٢] ولما كان لا يصلح للربوبية إلا الغالب لكل ما سواه، المفيض على من يشاء، ما يشاء، قال: ﴿العزيز الوهاب *﴾ أي الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء، ويفيض على جهة التفضل ما يشاء على من يريد، وله صفة الإفاضة


الصفحة التالية
Icon