أو ولا تمعن في تتبع مداق الأمور فإني أرضى بالحق على أدنى الوجوه، ولذا أتى به من الرباعي والثلاثي بمعناه، قال أبو عبيد: شط في الحكم وأشط - إذا جار، ولذا أيضاً فك الإدغام إشارة إلى أن النهي إنما هو عن الشطط الواضح جداً. ولما كان الحق له أعلى وأدنى وأوسط، طلبوا التعريف بالأوسط فقالوا ﴿واهدنا﴾ أي أرشدنا ﴿إلى سواء﴾ أي وسط ﴿الصراط *﴾ أي الطريق الواضح، فلا يكون بسبب التوسط ميل إلى أحد الجانبين: الإفراط في تتبع مداق الأمر والتفريط في إهمال ذلك.
ولما كانت هذه الدعوى بأمر مستغرب يكاد أن لا يسمعه أحد إلا أنكره ساق الكلام مؤكداً فقال: ﴿إن هذا﴾ يشير إلى شخص من الداخلين، ثم أبدل منه قوله: ﴿أخي﴾ أي في الدين والصحبة، ثم أخبر عنه بقوله: ﴿له تسع وتسعون نعجة﴾ ويجوز أن يكون ﴿أخي﴾ هو الخبر والتأكيد حينئذ لأجل استبعاد مخاصمة الأخ وعدوانه على أخيه ويكون ما بعده استئنافاً ﴿ولي﴾ أي أنا أيها المدعي ﴿نعجة﴾ ولما كان ذلك محتملاً لأن يكون جنساً أكده بقوله: ﴿واحدة﴾ ثم سبب عنه قوله: ﴿فقال﴾ أي الذي له الأكثر: ﴿أكفلنيها﴾ أي أعطنيها لأكون كافلاً لها ﴿وعزني﴾ أي غلبني وقوى عليّ واشتد وأغلظ بي ﴿في الخطاب *﴾ أي الكلام الذي له شأن من جدال


الصفحة التالية
Icon