إليك وجهاد من عاداك، ويكون ذلك إمارة لي على قبول توبتي ولا تحصل لي فتنة بإلقاء شيء على مكان حكمي ولا غيره وهذا يشعر بأن الفتنة كانت في الملك وكذا ذكر الإلقاء على الكرسي مضافاً إليه من غير أن ينسب إليه هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء، وهو مناسب لعقر الخيل الذي هو إذهاب ما به العز - والله أعلم، وبهذا التقدير علم أنه لو ذكر الظرف من غير حرف لأوهم تقيد الدعوة بملك يستغرق الزمان الذي بعده، ثم علل ما طلبه من الإعطاء والمنع بقوله على سبيل التأكيد إسقاطاً لما غلب على النفوس من رؤية الأسباب: ﴿إنك أنت﴾ أي وحدك ﴿الوهاب *﴾ أي العظيم المواهب مع التكرار كلما أردت، فتعطي بسبب وبغير سبب من تشاء وتمنع من تشاء.
ولما تسبب عن دعائه الإجابة، أعلم به سبحانه بقوله: ﴿فسخرنا﴾ أي ذللنا بما لنا من العظمة ﴿له الريح﴾ لإرهاب العدو وبلوغ المقاصد عوضاً عن الخيل التي خرج عنها لأجلنا؛ ثم بين التسخير بقوله مستأنفاً: ﴿تجري بأمره رخاء﴾ أي حال كونها لينة غاية اللين منقادة يدرك بها ما لا يدرك بالخيل ﴿غدوها شهر ورواحها شهر﴾ وكل من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وهو هنا مبالغة من الرخاوة. ولما كانت إصابته لما يشاء ملازمة لإرادته، عبر بها عنها لأنها المقصود بالذات فقال: ﴿حيث أصاب *﴾ أي أراد إصابة شيء من الأشياء، وقد جعل الله


الصفحة التالية
Icon