المشي والتحريك والإسراع والاستحثاث ﴿برجلك﴾ يخرج منها ماء نافع حسن لتغتسل فيه وتشرب منه ففعل فأنبعنا له عيناً، فقيل له: ﴿هذا﴾ بإشارة القريب إشارة إلى تسهله ﴿مغتسل﴾ أي ماء يغتسل به وموضعه وزمانه ﴿بارد﴾ أي يبرد حر الظاهر ﴿وشراب *﴾ يبرد حر الباطن.
ولما كان التقدير: ففعل اغتسل فبرأ ظاهره وسر باطنه، عطف عليه قوله صارفاً القول إلى مظهر الجلال تنبيهاً على عظمة الفعل: ﴿ووهبنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿له أهله﴾ أي الذين كان الشيطان سلط عليهم بأن أحييناهم، وجمع اعتباراً بالمعنى لأنه أفخم وأقرب إلى فهم المراد فقال: ﴿ومثلهم﴾ وأعلم باجتماع الكل في آنٍ واحد فقال: ﴿معهم﴾ جددناهم له وليعلم من يسمع ذلك أنه لا عبرة بشيء من الدنيا وأنها وكل ما فيها عرض زائل لا ثبات له أصلاً إلا ما كان لنا، فإنه من الباقيات الصالحات، فلا يغير أحد بشيء منها ولا يشتغل عنا أصلاً، ويعلم من هذا من صدقه القدروة على البعث بمجرد تصديقه له ومن توقف فيه سأل أهل الكتاب فعلم ذلك بتصديقهم له، ثم علل سبحانه فعله ذلك بقوله: ﴿رحمة﴾ ولما كان في مقام الحث على الصبر عظم الأمر بقوله: ﴿منا﴾ فإنه أعظم من التعبير في سورة الأنبياء بعندنا، ليكون ذلك أحث على لزوم الصبر، وإذا نظرت إلى ختام الآيتين عرفت تفاوت العبارتين ولاح لك أن مقام الصبر لا يساويه


الصفحة التالية
Icon