بلاد الشرق، فتزوج منه من وافقته على دينه الحق، واستمر على إخلاص العبادة لا يأخذه في الله لومة لائم إلى أن مضى لسبيله فقال: ﴿وإسحاق﴾ ثم أتبعه ولده الذي قفا أثره، وصبر صبره، وابتلى بفقد ولده، وبهجة كبده، فصبر أتم الصبر في ذلك الضر، وأبلغ في الحمد والشكر، فقال تعالى: ﴿ويعقوب﴾ وألحقهما سبحانه بأبيها بعد أن بينت قراءة الإفراد إصالته في المدح بالعبودية فعطفهما عليه نفسه في قراءة غير ابن كثير ﴿عبادنا﴾ بالجمع كما قال تعالى ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم﴾ [الطور: ٢١].
ولما اجتعموا بالعطف أو البدل وصفهم بقوله: ﴿أولي الأيدي﴾ أي القوة الشديدة والأعمال السديدة لأن الأيدي أعظم آلات ذلك ﴿والأبصار *﴾ أي الحواس الظاهرة والباطنة التي هي حقيقة بأن تذكر وتمدح بها لقوة إدراكها وعظمة نفوذها فيما هو جدير بأن يراعى من جلال الله ومراقبته في الحركات والسكنات سراً وعلناً، وعبر عن ذلك بالأبصار لأنها أقوى مبادئه، ومن لم يكن مثلهم كان مسلوب القوة والعقل، فلم يكن له عقل فكان عدماً، فهو أعظم توبيخ لمن رزقه الله قوة وعقلاً، ثم لا يصرفه في عبادة الله والمجاهدة فيه سبحانه.


الصفحة التالية
Icon