بذكر زوج الزوج على أن الزيادة لا تنحصر فقال: ﴿ورباع﴾ أي أربعة لكل واحد من صنف آخر منهم.
ولما ثبت بهذا أنه فاعل بالاختيار دون الطبيعة وغيرها، وإلا لوجب كون الأشياء غير مختلفة مع اتحاد النسبة إلى الفاعل، كانت نتيجة ذلك: ﴿يزيد في الخلق﴾ أي المخلوقات من أشياء مستقلة ومن هيئات للملائكة وخفة الروح واللطافة والثقالة والكثافة وحسن الصوت والصيت والفصاحة والسذاجة والمكر والسخارة والبخل وعلو الهمة وسفولها - وغير ذلك مما يرجع إلى الكم والكيف مما لا يقدر على الإحاطة به غيره سبحانه، فبطل قول من قال: أنه فرغ من الخلق في اليوم السابع عند ما أتم خلق آدم فلم يبق هناك زيادة، كاليهود وغيرهم على أن لهذا المذهب من الضعف والوهي ما لا يخفى غير أنه سبحانه أوضح جميع السبل ولم يدع بشيء منها لبساً: ﴿ما يشاء﴾ فلا بدع في أن يوجد داراً أخرى تكون لدينونة العباد، ثم علل ذلك كله بقوله مؤكداً لأجل إنكارهم البعث: ﴿إن الله﴾ أي الجامع لجميع أوصاف الكمال ﴿على كل شيء قدير *﴾ فهو قادر على البعث فاعل له لا محالة.


الصفحة التالية
Icon