﴿والأرض﴾ على سعتها وضخامتها وكثافتها وما فيها من العجائب.
ولما كان القائل مخيراً كما قال ابن مالك في الكافية الشافية عند اختلاط العقلاء بغيرهم في إطلاق ما شاء من «مَن» التي أغلب إطلاقها على العقلاء و «ما» التي هي بعكس ذلك، وكان ربما وقع في وهم أن تمكنه تعالى من العقلاء دون تمكنه من غيرهم لما لهم من الحيل التي يحترزون بها عن المحذور، وينظرون بها في عواقب الأمور، أشار إلى أن حكمه فيهم كحكمه في غيرهم من غير فرق بالتعبير عنهم ب «ما» التي أصلها وأغلب استعمالها لمن لا يعقل، وسياق العظمة بالوحدانية وآثارها دال على دخولها في العبادة قطعاً فقال: ﴿وما بينهما﴾ أي الخافقين من الفضاء والهواء وغيرهما من العناصر والنبات والحيوانات العقلاء وغيرها، ربي كل شيء من ذلك إيجاداً وإبقاء على ما يريد وإن كره ذلك المربوب، فدل ذلك على قهره، وتفرده في جميع أمره.
ولما كان السياق للإنذار، كرر ما يدل على القهر فقال: ﴿العزيز﴾ أي الذي يعز الوصول إليه ويغلب كل شيء ولا يغلبه شيء، ولما ثبت أنه يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء، وكانت دلالة الوصفين العظيمين على الوعيد أظهر من إشعارها بالوعد، كان موضع قولهم،


الصفحة التالية
Icon