أي خاصة لا عن غيره والحال أن غيره من المهملات ولما كان أكثرهم متهيئاً للإسلام والرجوع عن الكفران لم يقل: مدبرون، ولا «يعرضون» بل قال: ﴿معرضون *﴾ أي ثابت لكم الإعراض في هذا الحين، وقد كان ينبغي لكم الإقبال عليه خاصة والإعراض عن كل ما عداه لأن في ذلك السعادة الكاملة، ولو أقبلتم عليه بالتدبر لعلمتم قطعاً صدقي وأني ما أريد بكم إلا السعادة في الدنيا والآخرة، فبادرتم الإقبال إليّ والقبول لما أقول.
ولما قصر نفسه الشريفة على الإنذار، وكانوا ينازعون فيه وينسبونه إلى الكذب، دل على صدقه وعلى عظيم هذا النبأ بقوله: ﴿ما كان لي﴾ وأعرق في النفي بالتأكيد في قوله: ﴿من علم﴾ أي من جهة أحد من الناس كما تعرفون ذلك من حالي له إحاطة ما ﴿بالملإ﴾ أي الفريق المتصف بالشرف ﴿الأعلى﴾ وهم الملائكة أهل السماوات العلى وآدم وإبليس، وكأن مخاطبة الله لهم كانت بواسطة ملك كما هو أليق بالكبرياء والجلال، فصح أن المقاولة بين الملأ ﴿إذ﴾ أي حين، ولما أفرد وصف الملأ إيذاناً بأنهم في الاتفاق في علو رتبة الطاعة كأنهم شيء واحد، جمع لئلا يظن حقيقة الوحدة فقال: ﴿يختصمون *﴾ أي في شأن آدم عليه السلام، أول خليفة في الأرض


الصفحة التالية
Icon