ويسره وسهولته لأمته فقال: ﴿إليك﴾ أي خاصة بواسطة الملك، لا يقدر أحد من الخلق أن يدعي مشاركتك في شيء من ذلك، فتكون دعواه موجبة لنوع من اللبس، وأظهر موضع الإضمار تفخيماً بالتنبيه على ما فيه من جمع الأصول والفروع واللطائف والمعارف ﴿الكتاب﴾ أي الجامع لكل خير مع البيان القاطع والحكم الجازم بالماضي والآتي، والكائن، متلبساً ﴿بالحق﴾ وهو مطابقة الواقع لجميع أخباره، فالواقع تابع لأخباره، لا يرى له خبر إلا طابقه مطابقة لاخفاء بشيء منها، لا حلية له ولا لباس إلا الحق، فلا دليل على كونه من عنده من ذلك، فليتبعوا خبره، ولينظروا عينه وأثره.
ولما ثبت بهذا أنه خصه سبحانه بشيء عجز عنه كل أحد، ثبت أنه سبحانه الإله وحده، فتسبب عن ذلك قوله لفتاً للقول عن مظهر العظمة إلى أعظم منه بلحظ جميع صفات الكمال لأجل العبادة تعظيماً لقدرها لأنها المقصود بالذات: ﴿فاعبد الله﴾ أي الحائز لجميع صفات الكمال حال كونك ﴿مخلصاً﴾ والإخلاص هو القصد إلى الله بالنية بلا علة ﴿له﴾ أي وحده ﴿الدين *﴾ بمعانقة الأمر على غاية الخضوع لأنه خصك بهذا الأمر العظيم فهو أهل منك لذلك وخسأ عنك الأعداء، فلا أحد منهم يقدر على الوصول إليك بما يوهن شيئاً من أمرك فأخلص لتكون رأس المخلصين الذين تقدم آخر سورة ص أنه لا سبيل للشيطان