أي تستروا الأدلة فتصروا على الانصراف عنه بالإشراك ﴿فإن الله﴾ لأنه جامع لصفات الكمال ﴿غني عنكم﴾ أي فلا يضره كفركم ولا تنفعه طاعتكم، وأما أنتم فلا غنى لكم عنه بوجه، ولا بد أن يحكم بينكم فلم تضروا إلا أنفسكم ﴿ولا يرضى﴾ لكم - هكذا كان الأصل بدليل ما سبقه ولحقه، وإنما أظهر ليعم وليذكرهم بما يجدونه في أنفسهم من أن أحداً منهم لا يرضى لعبده أن يؤدي خرجه إلى غيره بغير إذنه فقال: ﴿لعباده﴾ أي الذين تفرد بإيجادهم وتربيتهم ﴿الكفر﴾ بالإقبال على سواه وأنتم لا ترضون ذلك لعبيدكم مع أن ملككم لهم في غاية الضعف، ومعنى عدم الرضى أنه لا يفعل فعل الراضي بأن يأذن فيه ويقر عليه أو يثيب فاعله ويمدحه، بل يفعل فعل الساخط بأن ينهى عنه ويذم عليه ويعاقب مرتكبه ﴿وإن تشكروا﴾ أي بالعبادة والإخلاص فيها ﴿يرضه﴾ أي الشكر الدال عليه فعله ﴿لكم﴾ أي الرضى اللائق بجنابه سبحانه بأن يقركم عليه أو يأمركم به ويثيبكم على فعله، والقسمان بإرادته، واختلاف القراء في هائه دال على مراتب الشكر - والله أعلم، فالوصل للواصلين إلى النهاية على اختلاف مراتبهم في


الصفحة التالية
Icon