ضر استبعد كل البعد أن يكشف عنه، لتقيده بالجزئيات وقصوره على التعلق بالأسباب، أشار إلى ذلك مع الإشارة إلى الوعد بتحقيق الفرج فقال: ﴿ثم﴾ أي بعد استبعاده جداً. ولما كان الرخاء محققاً، وهو أكثر من الشدة، عبر بأداة التحقق، فقال منبهاً بالتعبير ب «خول» على أن غطاءه ابتداء فضل منه لا يستحق أحد عليه شيئاً لأن التخويل لا يكون جزاء بل ابتداء: ﴿إذا خوله﴾ أي أعطاه عطاء متمكناً ابتداء، وجعله حسن القيام عليه قادراً على إجادة تعهده ﴿نعمة منه﴾ ومكنه فيها ﴿نسي﴾ أي مع دعائه أن يشكر على الإحسان، فكانت مدة تخويله ظرف نسيانه، فعلم أن صلاحه بالضراء ﴿ما﴾ أي الأمر الذي ﴿كان يدعوا﴾ ربه على وجه الإخلاص ﴿إليه﴾ إلى كشفه من ذلك الضر الذي كان، وأعلم بتقارب وقتي النسيان والإنابة بإثبات الجار فقال: ﴿من قبل﴾ أي قبل حال التخويل ﴿وجعل﴾ زيادة على الكفران بنسيان الإحسان ﴿لله﴾ أي الذي لا مكافئ له بشهادة الفطرة والعقل والسمع ﴿أنداداً﴾ أي لكونه يتأهلهم، فينزلهم بذلك منزلة من يكون قادراً على المعارضة والمعاندة، فقد علم من التعبير بالنسيان أنه عالم بربه، ولذلك دعاه في كشف ضره وأنه جعل علمه عند الإحسان إليه جهلاً، فكان كمن لا يعلم من سائر الحيوانات العجم.


الصفحة التالية
Icon