أن ﴿أكون﴾ في وقتي وفي شرعي ﴿أول﴾ أي أعظم ﴿المسلمين *﴾ أي المنقادين في الرتبة الحائزين قصب السبق بكل اعتبار لأوامر الإله الذي لا فوز إلا بامتثال أوامره أو أسبق الكائنين منهم في زماني، فجهة هذا الفعل غير جهة الأول، فلذلك عطف عليه لأنه لإحراز قصب السبق، والأول لمطلق الإخلاص في العبادة.
ولما كان ما أمر به مفهماً لأن يكون مع ترغيب ومع ترهيب، وكان ربما ظن أن الرئيس لا يرهب الملك لأمور ترجى منه أو تخشى، وكان تكرير الأمر بإبلاغ المأمورين أوقع في قلوبهم وأشد إقبالاً بنفوسهم قال تعالى: ﴿قل﴾ أي لأمتك، وأكد - لما في الأوهام أن الرئيس لا يخاف - قوله ﴿إني أخاف﴾ أي مع تأمينه لي بغفران ما تقدم وما تأخر إخلاصاً في إجلاله وإعظامه وفعلاً لما على العبد لمولاه الذي له جميع الكبرياء والعظمة، ولما كان وصف الإحسان ربما جراً على العصيان، يبن أنه لا يكون ذلك إلا لعدم العرفان فقال: ﴿إن عصيت ربي﴾ أي المحسن إليّ المربي لي بكل جميل فتركت الإخلاص له ﴿عذاب يوم عظيم *﴾ وإذا كان اليوم عظيماً، فكيف يكون عذابه.
ولما بين ما أمر به، وأعلم أنه يخاف من مخالفة الأمر له بذلك فأفهم أنه ممتثل لما أمر به، أمره سبحانه بأن يصرح بذلك لأن التصريح


الصفحة التالية
Icon