﴿قل إن الخاسرين﴾ أي الذين خسارتهم هي الخسارة لكونها النهاية في العطب ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ أي بدخولهم النار التي هي معدن الهلاك لعبادتهم غير الله من كل ما يوجب الطغيان. ولما كان أعز ما على الإنسان بعد نفسه أهله الذين عزه بهم قال: ﴿وأهليهم﴾ أي لأنهم إن كانوا مثلهم فحالهم في الخسارة كحالهم، ولا يمكن أحداً منهم أن يواسي صاحبه بوجه فإنه لكل منهم شأن يغنيه، وإن كانوا ناجين فلا اجتماع بينهم.
ولما كانت العاقبة هي المقصودة بالذات، قال: ﴿يوم القيامة﴾ لأن ذلك اليوم هو الفيصل لا يمكن لما فات فيه تدارك أصلاً ولما كان في ذلك غاية الهول. كرر التعريف بغباوتهم تنبيهاً على رسخوهم في ذلك الوصف على طريق النتيجة لما أفهمه ما قبله فقال منادياً لأنه أهول مبالغاً بالاستئناف وحرف التنبيه وضمير الفصل وتعريف الخبر ووصفه: ﴿ألا ذلك﴾ أي الأمر العظيم البعيد الرتبة في الخسارة جداً ﴿هو﴾ أي وحده ﴿الخسران﴾ أتى بصيغة الفعلان المفهم مطلقاً للمبالغة فكيف إذا بنيت على الضم الذي هو أثقل الحركات، وزاد في تقريعهم بالغباوة بقوله: ﴿المبين *﴾.
ولما علم بهذا أنه البين في نفسه المنادي بما فيه من القباحة بأنه لا خسران غيره، فصله بقوله على طريق التهكم بهم: ﴿لهم﴾ فإن عادة


الصفحة التالية
Icon