الطغيان وهو صيغة مبالغة، وفيه مبالغة أخرى بجعل الذات عين المعنى، ودل على عكس من تبعها بتعكيس حروفها، ولما ذكر اجتنابها مطلقاً ترغيباً فيه، بين خلاصة ما يجتنب لأجله مع التنفير منها بتأنيثها الذي أبصره المنيبون بتقوية الله لهم عليها حتى كانوا ذكراناً وهم إناثاً عكس ما تقدم للكفار في البقرة، فقال مبدلاً منها بدل اشتمال: ﴿أن يعبدوها﴾.
ولما ذكر اجتناب الشرك، أتبعه التزام التوحيد فقال: ﴿وأنابوا﴾ أي رجعوا رجوعاً عظيماً أزالوا فيه النوبة وجعلوها إقبالة واحدة لا صرف فيها ﴿إلى الله﴾ أي المحيط بصفات الكمال فلا معدل عنه ﴿لهم البشرى﴾ في الدنيا على ألسنة الرسل وعند الموت تتلقاهم الملائكة فقد ربحوا ربحاً لا خسارة معه لأنهم انتفعوا بكلام الله فأخلصوا دينهم له فبشرهم - هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً بالوصف فقال مسبباً عن عملهم، صارفاً القول إلى التكلم بالإفراد تشريفاً للمبشرين الموصوفين: ﴿فبشر عباد *﴾ أي الذين أهلوا أنفسهم بقصر هممهم عليّ للإضافة إليّ ﴿الذين يستمعون﴾ أي بجميع قلوبهم ﴿القول﴾ أي هذا الجنس من كل قائل ليسوا جفاة عساة إذا أقبلوا على