﴿إلى ذكر الله﴾ أي ذي الجلال والإكرام، فإن الأصل في ذكره الرجاء لأن رحمته سبقت غضبه، وأظهر موضع الإضمار لأحسن الحديث لئلا يوهم أن الضمير للرب، فيكون شبهة لأهل الاتحاد أو غيرهم من أرباب البدع، ولم يقل: إلى الحديث أو الكتاب - مثلاً، بل عدل إلى ما عرف أنه ذكره سبحانه ليكون أفخم لشأنه، وزاده فخامة بصرف القول عن الوصف المقتضي للإحسان إلى الاسم الجامع للجلال والإكرام.
ولما كان ما ذكر من الآثار عجباً، دل على عظمته بقوله على طريق الاستنتاج: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الغريب من الحديث المنزل والقبض والبسط ﴿هدى الله﴾ أي الذي لا يتمنع عليه شيء ﴿يهدي به من يشاء﴾ ومن هداه الله فما له من مضل، ويضل به من يشاء فلا تتأثر جلودهم لقساوة قلوبهم، فيكون هدى لناس ضلالاً لآخرين ﴿ومن يضلل الله﴾ أي الملك الأعظم المحيط بكل شيء إضلالاً راسخاً في قلبه بما أشعر به الفك ليخرج الضلال العارض ﴿فما له من هاد *﴾ لأنه لا راد لأمره ولا معقب لحكمه، لأنه الواحد في ملكه، فلا شريك له، فالآية من الاحتباك: ذكر أولاً إطلاق أمره في الهداية دليلاً على حذف مثله في الضلال، وثانياً انسداد باب الهداية على من أضله دليلاً على وحذف مثله فيمن هداه وهي دامغة للقدرية.