فقال: ﴿للظالمين﴾ أي الذين تركوا طريق الهدى واتبعوا الهوى فضلوا وأضلوا: ﴿ذوقوا ما﴾ أي جزاء ما ﴿كنتم تكسبون *﴾ أي تعدونه فائدة وثمرة لأعمالكم وتصرفاتكم، وقيل لأهل النعيم: طيبوا نفساً وقروا عيناً جزاء بما كنتم تعلمون، فالآية من الاحتباك: ذكر الاستفهام أولاً دليلاً على حذف متعلقه ثانياً، وما يقال للظالم ثانياً دليلاً على ما يقال للعدل أولاً.
ولما ذكر ما أعد لهم من الآخرة، وكانوا في مدة كفرهم كالحيوانات العجم لا ينظرون إلا الجزئيات الحاضرة، خوفهم بما يعملونه في الدنيا، فقال على طريق الاستئناف في جواب من يقول: فهل يعذبون في الدنيا: ﴿كذب الذين﴾ وأشار إلى قرب زمان المعذبين من زمانهم بإدخال الجار فقال: ﴿من قبلهم﴾ أي مثل سبأ وقوم تبع وأنظارهم: ﴿فأتاهم العذاب﴾ وكان أمرهم علينا يسيراً، وأشار إلى أنه لم يغنهم حذرهم بقوله: ﴿من حيث﴾ أي من جهة ﴿لا يشعرون *﴾ أنه يأتي منها عذاب، جعل إتيانه من مأمنهم ليكون ذلك أوجع للمعذب، وأدل على القدرة بأنه سواء عنده تعالى الإتيان بالعذاب من جهة يتوقع منها ومن جهة لا يتوقع أن يأتي منها شر ما، فضلاً عما أخذوا به، بل لا يتوقع إلا الخير.


الصفحة التالية
Icon