شأنه العوج، فلا يصح أن يكون معوجاً أصلاً في شيء من نظمه ولا معناه باختلاف ولا غيره كما في آية الكهف سواء، وفي الإتيان بعوج الذي هو مختص بالمعاني بيان أن الوصف له حقيقة، فهو أبلغ من غير معوج، لأنه يحتمل إرادة أهله على المجاز.
ولما كان التذكر بالتذكير لكونه أبلغ للوعظ حاملاً، ولا بد للعاقل على الخوف المسبب للنجاة قال: ﴿لعلهم يتقون *﴾ أي ليكون حالهم بعد التذكير الناشىء عن التذكير حال من يرجى له أن يجعل بينه وبين غضب الله وقاية.
ولما أقام سبحانه الدليل المنير على التفاوت العظيم، بين من هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يدعو الله مخلصاً له الدين وبين من يدعو لله أنداداً، وختم بضرب الأمثال، وكان الأمثال أبين فيما يراد من الأحوال، قال منبهاً على عظمتها بلفت القول عن مظهر العظمة إلى الاسم الأعظم الجامع لجميع صفات الكمال: ﴿ضرب الله﴾ أي الملك الأعظم المتفرد بصفات الكمال ﴿مثلاً﴾ لهذين الرجلين مع أنه لا يشك ذو عقل أن المشرك لا يداني المخلص فضلاً عن أن يقول: إن المشرك أعظم كما يقوله المشركون. ولما كان الذكر أقوى من الأنثى، وأعرف بمواقع النفع والضر، وكان كونه بالغاً أعظم لقوته وأشد لشكيمته، فيكون أنفى للعار عن نفسه وأدفع للظلم عن جانبه وأذب عن حماه، قال مبيناً للمثل مشيراً إلى تبكيت الكفار ورضاهم لأنفسهم بما لا يرضاه لنفسه