أدنى الأرقاء ﴿رجلاً فيه﴾ أي خاصة. ولما كانت معبوداتهم - لكونها من جملة المخلوقات - كثيرة الأشباه والنظائر، عبر عنها بجمع الكثرة فقال: ﴿شركاء﴾ في الظاهر من الأصنام وفي الباطن من الحظوظ والشهوات، ووصف الشركاء بقوله: ﴿متشاكسون﴾ أي مختلفون عسرون يتجاذبون مع سوء الأخلاق وضيقها وقباحة الشركة، فليس أحد منهم يرضى بالإنصاف، فهو لا يقدر أن يرضيهم أصلاً ﴿ورجلاً سلماً﴾ أي من نزاع ﴿لرجل﴾ فليس فيه لغيره شركة ولا علاقة أصلاً، فهو أجدر بأن يقدر على رضاه مع راحته من تجاذب الشركاء - هذا على قراءة المكي والبصري، وعلى قراءة الباقين بحذف الألف وفتح اللام وهو وصف بالمصدر على المبالغة.
ولما انكشف الحال فيها جداً قال: ﴿هل يستويان﴾ أي الرجلان يكون أحدهما مساوياً للآخر بوجه من الوجوه ولو بغاية الجهد والعناية. ولما كان الاستواء مبهماً قال: ﴿مثلاً﴾ أي من جهة المثل، أي هل يستوي مثلهما أي يجمعهما مثل واحد حتى أن يكونا هما متساويين فهو تمييز محول في الأصل عن الفاعل، والجواب في هذا الاستفهام الإنكاري قطعاً: لا سواء، بل مثل الرجل السالم في غاية الحسن فكذا ممثوله وهو القانت المخلص، ومثل الرجل الذي وقع فيه التشاكس في غاية القبح فكذا ممثوله وهو الداعي للأنداد.


الصفحة التالية
Icon