﴿بل هي﴾ أي العطية والنعمة ﴿فتنة﴾ لاختباره هل يشكر أم يكفر لتقام عليه الحجة. فإن أدت إلى النار كانت استدراجاً، وأنث الضمير تحقيراً لها بالنسبة إلى قدرته سبحانه وتعالى ولأنها أدت إلى الغرور بعد أن ذكر ضميرها أولاً تعظيماً لها لإيجاب شكرها.
ولما كان من المفتونين من ينتبه وهم الأقل، قال جامعاً تنبيهاً على إرادة الجنس وأن تعبيره أولاً بإفراد الضمير إشارة إلى أن أكثر الناس كأنهم في ذلك الخلق النحس نفس واحدة: ﴿ولكن أكثرهم﴾ أي أكثر هؤلاء القائلين لهذا الكلام ﴿لا يعلمون *﴾ أي لا يتجدد لهم علم أصلاً لأنهم طبعوا على الجلافة والجهل والغباوة، فلو أنهم إذا دعونا وهم في جهنم أجبناهم وأنعمنا عليهم نعمتنا ونسبوها إلى غيرنا كما كانوا يفعلون في الدنيا سواء.
ولما كان كفار قريش مقصودين بهذا قصداً عظيماً وإن كان شاملاً بإطلاقه غيرهم من الأولين والآخرين قال موضحاً لذلك: ﴿قد قالها﴾ أي مقالتهم ﴿إنما أوتيته على علم﴾ ﴿الذين من قبلهم﴾ أي ممن هو أشد منهم قوة وأكثر جمعاً كما قال قارون ومن رضي حاله فتمنى ماله ﴿فما أغنى عنهم﴾ أي أولئك الماضين ﴿ما كانوا﴾ بما اقتضته


الصفحة التالية
Icon