علل هذه العلة بما يخصه، فقال مؤكداً لاستبعاد ذلك بالقياس على ما يعهدون: ﴿إنه هو﴾ أي وحده ﴿الغفور﴾ أي البليغ المغفرة بحيث يمحو الذنوب مهما شاء عيناً وأثراً، فلا يعاقب ولا يعاتب ﴿الرحيم *﴾ أي المكرم بعد المغفرة ولا يقدر أحد أصلاً على نوع اعتراض عليه، ولا توجيه طعن إليه.
ولما كان التقدير: فأقلعوا عن ذنوبكم، فإنها قاطعة عن الخير، مبعدة عن الكمال، عطف عليه استعطافاً قوله دالاً على أن الغفران المتقدم إنما هو إذا شاء التفضل سبحانه بتوبة وبغير توبة: ﴿وأنيبوا﴾ أي ارجعوا بكلياتكم وكلوا حوائجكم وأسندوا أموركم واجعلوا طريقكم ﴿إلى﴾ ولفت الكلام إلى صفة الإحسان زيادة في الاستعطاف فقال: ﴿ربكم﴾ أي الذي لم تروا إحساناً إلا وهو منه ﴿وأسلموا له﴾ أي أوجدوا إسلام جميع ما ملكه لكم من الأعيان والمعاني متبرئين عنه لأجله فإنه لو شاء سلبكموه، فإذا لم تكونوا مالكيه ملكاً تاماً فعدوا أنفسكم عارية عنه غير مالكة له ولا قادرة، وكان الذي لكم بالإصالة ما كان.
ولما كان ذلك شديداً لأن الكف عما أشرفت النفس على بلوغ الوطر منه في غاية المرارة، قال مهدداً لهم دالاً بحرف الابتداء على