الآية ﴿والله خلقكم من تراب يولج اليّل في النهار ويولج النهار في اليّل﴾ ﴿ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها﴾ ﴿هو الذي جعلكم خلائف في الأرض﴾ ﴿إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا﴾ فهذه عدة آيات معرفة بابتداء الخلق، والاختراع أو مشيرة ولم يقع من ذلك في سورة سبأ آية واحدة، ثم إن سورة سبأ جرت آيها على نهج تعريف الملك والتصرف فيه والاستبداد بذلك والإبداد، وتأمل افتتاحها وقصة داود وسليمان عليهما السلام، وقوله سبحانه ﴿قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثال ذرة﴾ الآيات يتضح لك ما ذكرناه وما انجرّ في السورتين مما ظاهره الخروج من هاذين الغرضين فملتحم ومستدعى بحكم الانجرار بحسب استدعاء مقاصد الآي - رزقنا الله الفهم عنه بمنه وكرمه - انتهى.
ولما وصف سبحانه نفسه المقدس بالقدرة الكاملة، دل على ذلك بما يشاهده كل أحد في نفسه من السعة والضيق مع العجز عن دفع شيء من ذلك أو اقتناصه، فقال مستأنفاً أو معللاً مستنتجاً: ﴿ما﴾ أي مهما ﴿يفتح الله﴾ أي الذي لا يكافئه شيء. ولما كان كل شيء من الوجود لأجل الناس قال: ﴿للناس﴾ ولما كان الإنعام مقصوداً