القاطعة ثبتت لهم شركة ﴿فهم﴾ أي المشركون ﴿على بينة﴾ أي حجة ظاهرة، وبينات - على القراءة الأخرى، أي دلائل واضحات بما في ذلك الكتاب من ضروب البيان ﴿منه﴾ أي ذلك الكتاب على أنا أشركناهم في الأمر حتى يشهدوا لهم هذه الشهادة التي لا يسوغون مثلها في إثبات الشركة لعبد من عبيدهم في أحقر الأشياء فكيف يسوغونها في انتقاص الملك الذي لا خير عندهم إلا منه غير هائبين له ولا مستحين منه.
ولما كان التقدير: لم يكن شيء من ذلك فليسوا على بيان، بل على غرور، قال منبهاً لهم على ذميم أحوالهم وسفه آرائهم وخسة هممهم ونقصان عقولهم مخبراً أنهم لا يقدرون على الإتيان بشيء مما به يطالبون وأنه ليس لهم جواب عما عنه يسألون، وأكده لأجل ظنهم أن أمورهم في غاية الإحكام، ﴿بل أن﴾ أي ما ﴿يعد الظالمون﴾ أي الواضعون للأشياء في غير مواضعها ﴿بعضهم بعضاً﴾ أي الأتباع للمتبوعين بأن شركاءهم تقربهم إلى الله زلفى وأنها تشفع وتضر ولا تنفع ﴿إلا غروراً *﴾.
ولما بين حقارة الأصنام وكل ما أشركوا به النسبة إلى جلال عظمته، وكانوا لا يقدرون على ادعاء الشركة في الخلق في شيء من ذلك،