مبتدئ من الحد الذي فصلك منا والحد الذي فصلنا منك في منتصف المسافة قي ذلك) حجاب (ساتر كثيف، فنحن لا نراك لنفهم عنك بالإشارة، فانسدت طرق الفهم لما نقول) فاعمل) أي بما تدين به.
ولما كان تكرار الوعظ موضعاً للرجاء في رجوع الموعوظ قطعوا ذلك الرجاء بالتأكيد بأداته، وزادوه بالنون الثالثة والتعبير بالاسمية فقالوا: (إننا عاملون) أي بما ندين به فلا مواصلة بيينا بوجه ليستحي أحد منا من الآخر في عمله أو يرجع إليه، ولو قال) وبيينا (من غير) من (لأفهم أن البينين بأسرهما حجاب، فكان كل من الفريقين ملاصقاً لبينه، وهو نصف الفراغ الحاصل بينه
وبين خصمه، فيكون حينئذ كل فريق محبوساً بحجابة لا يقدر على عمل فينا في ما بعده أو يكون بينهما اتصال أقله بالإعلام بطرق من أراد من المتباينين الحجاب، فأفادت (من) التبعيض مع إفادة الابتداء، فإنهم لا يثبتون الحجاب في غير أمور الدين.
ولما أخبروا باعراضهم وعللوا بعدم فهمهم بما يدعو إليه، أمره سبحانه بجواب يبين أنهم على محض العناد فقال: (قل) أي لهؤلاء الذين عجزوا عن رد شيء من أمرك بشيء يقبله ذو عقل فادعوا ما ينادي