من العبادة وفعله ولو في وقت واحد لغيره إشراك في الجملة، ومن أشرك به لم يعبده وحده، ومن لم يعبده وحده لم يعبده أصلاً، لأنه أغنى الأغنياء، لا يقبل إلا الخالص وهو أقرب إلى عباده من كل شيء فيوشك أن ينتقم بإشراككم، وفي الآية إشارة إلى الحث على صيانة الآدميين عن أن يقع منهم سجود لغيره رفعاً لمقامهم عن أن يكونوا ساجدين لمخلوق بعد أن كانوا مسجوداً لهم، فإنه سبحانه أمر الملائكة الذين هم أشرف خلقه بعدهم بالسجود آدم وهم في ظهره فتكبر اللعين إبليس، فابد لعنه، فشتان ما بين المقامين.
ولما كانوا في هذا الأمر بين طاعة ومعصية، وكان درء المفاسد مقدماً، سبب عن ذلك قوله معبراً بأداة الشك تنبيهاً لهم على أن استكبارهم بعد إقامة هذه الأدلة ينبغي أن لا يتوهم، وصرف القول إلى الغيبة تحقيراً لهم وإبعاداً على تقدير وقوع ذلك منهم ﴿فإن استكبروا﴾ أي أوجدوا الكبر عن اتباعك فيما أمرتهم به من التوحيد فلم يوحدوا الله ولم ينزهوه تعالى عن الشريك ﴿فالذين عند﴾ وأظهر موضع الإصخار معبراً بوصف الإحسان بشارة له ونذارة لهم ﴿ربك﴾ خاصة لا عندهم لكونهم مقربين لديه في درجة الرضاء والكرامة ولكونهم مما يستغرق


الصفحة التالية
Icon