السلام بيان اتصاف الرحمن، المنزل لهذا القرآن، بشمول الرحمة لجميع الأكوان، وكانت هذه السورة لرحمة خاصة من آثار تلك الرحمة العامة، وهي الاجتماع على هذا الدين المراد ظهوره وعلوه على كل دين وقهره لكل أمر، فكان لذلك محيطاً قاهراً لحظ كل قاهر وظالم، وكانت هذه الرحمة الخاصة - لنسبتها إلى الخلق - ثانية لتلك العامة ومنشعبة منها، كانت لكونها من أوصاف الخلق بمنزلة اليسار، وتلك لكونها من صفة الحق بمنزلة اليمين، لذلك - والله أعلم - قال الاستاذ أبو الحسن الحرالي في كتاب له في الحرف: ولما كان ذلك - أي هذه الاسم المجتمع من هذه الأحرف المقطعة - أول هذه السورة مما ينسب إلى أمر الشمال كان متى وضع على أصابع اليسار ثم وضعت على هانجة ظلم أو جور استولى عليه بحكم إحاطة حكمة الله، وكانت خمسها مضافة إلى خمس ﴿كهيعص﴾ المستولية على حكمة اليمين محيطاً ذلك بالعشر المحيط بكل الحكمة التي مسندها الياء الذي هو أول العشر ومحل الاستواء بما هو عائد وحدة الألف - انتهى.
ولما كانت هذه الحروف - والله أعلم - مشيرة إلى الاجتماع كما أشار إليه آخر السورة الماضية، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿كذلك﴾ أي مثل هذا الإيحاء العظيم الشأن الذي أخبرك به ربك صريحاً أول «فصلت» من أن الإله إله واحد وآخرها من أنه ما يقال لك