تصنيف الناس في الآخرة صنفين وتوفية كل ما يستحقه فناسب ذلك إفراد الذين تلبسوا بالإيمان ومقصود هذه الجمع على الدين في الدنيا فناسب الدعاء للكل ليجازى كل بما يستحقه من إطلاق المغفرة في الدارين للمؤمن وتقييدها بالتأخير في الدنيا للكافر.
ولما كانت أفعال أهل الأرض وأقوالهم عظيمة المخالفة لما يرضيه سبحانه فهم يستحقون المعاجلة بسببها، أجاب من كأنه قال: هذا يستجاب لهم في المؤمنين، فكيف يستجاب لهم في الكافرين ليجمع الكلام التهييب والتهويل في أوله والبشارة واللطف والتيسير في آخره، فقال لافتاً القول عن صفة الإحسان إلى الاسم الأعظم تعريفاً بعظيم الأمر حملاً على لزوم الحمد وإدامة الشكر: ﴿ألا إن الله﴾ أي الذي له الإحاطة بصفات الكمال، فله جميع العظمة، وأكد لأن ذلك لعظمه لا يكاد يصدق ﴿هو﴾ أي وحده، ورتب وصفيه سبحانه على أعلى وجوه البلاغة فبدأ بما أفهم إجابة الملائكة وأتبعه الإعلام بمزيد الإكرام فقال: ﴿الغفور الرحيم *﴾ أي العام الستر والإكرام على الوجه الأبلغ أما لأهل الإيمان فواضح دنيا وآخرة، وأما لأهل الكفران ففي الدنيا فهو يرزقهم ويعافيهم ويملي لهم ﴿ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة﴾ [فاطر: ٤٥] وأما غير الله فلا يغفر