لا يبالي بأحد وهو معنى قوله: ﴿ولكن يدخل من يشاء﴾ أي إدخاله ﴿في رحمته﴾ بخلق الهداية في قلبه فتكون أفعالهم في مواضعها وهم المقسطون، ويدخل من يشاء في نقمته بخلق الضلال في قلوبهم فيكونون ظالمين، فلا يكون لهم فعل في حاق موضعه، فالمقسطون ما لهم من عدو ولا نكير ﴿والظالمون﴾ أي العريقون في الظلم الذين شاء ظلمهم فيدخلهم في لعنته ﴿ما لهم من ولي﴾ يلي أمورهم فيجتهد في إصلاحها ﴿ولا نصير *﴾ ينصرهم من الهوان، فالآية من الاحتباك وهو ظاهر ذكر الرحمة أولاً دليلاً على اللعنة ثانياً والظلم وما معه ثانياً دليلاً على أضداده أولاً، وسره أنه ذكر السبب الحقيقي في أهل السعادة ليحملهم على مزيد الشكر، والسبب الظاهري في أهل الشقاوة لينهاهم عن الكفر.
ولما كان التقدير: هل قصر هؤلاء الذين تنذرهم هممهم وعزائمهم وأقوالهم وأفعالهم على الله تعالى اتعاظاً وانتذاراً بهذا الكلام المعجز، عادل به قوله: ﴿أم اتخذوا﴾ أي عالجوا فطرهم الشاهدة بذلك بشهادة أوقات الاضطرار حتى لفتوها عنه سبحانه فأخذوا ﴿من دونه أولياء﴾ هم عالمون بأنهم لا يغنون عنهم شيئاً ولهذا قال: ﴿فالله﴾ أي فتسبب عما أفهمته صيغة الافتعال من أنهم عالمون بأنه وحده الضار النافع علمُهم