حسه، لا من هو دائماً سميع بصير بما هو دائماً عليم، فهو سبحانه يسمع الأشياء وإن لم تتسم، ويراها وإن لم تتصور، رؤيته لها وسمعه في خلقها وبريها وتصويرها رؤية دائمة وسمع دائم، والخلق لا يرون الشيء قبل تصوره ولا يسمعونه قبل تكلمه - انتهى.
فقد صرحت الآية بتنزيهه عن مساوٍ في شيء ما، فمن ادعى لأحد مساواته في شيء من صفاته علم أو غيره فقد أشرك به في تلك الصفة وهو أشد ملامة من المشرك بالصنم ونحوه من المخلوقات لأن إشراك هذا ظاهر الوهي واضح الخلل بين السفسفة، وإشراك الأول خفي لا يقدر على حله إلا راسخ وإن كان كل منهما يصير إلى الركاكة والهذيان لأنه لا يسوغ في عقل أن يكون أحد شريكاً لأحد في شيء إلا وهو مساوٍ له في حقيقة الذات، وصالح في الجملة لأن يقوم مقامه في جميع الصفات، فإياك ثم إياك من مزلة ربما استغوى بها الشيطان بعض من يريد الترقي في درجات العرفان، ليخرجه من جميع الأديان.
ولما قرر أمر الوحي بما ثبت به من الإعجاز، وأراهم الآيات في الآفاق، بأن له ما في الوجود، وأنه هو الذي فطره، وكان ربما كان للإنسان شيء ولم يكن كامل التصرف فيه بأن يكون مفاتيح خزائنه مع غيره من شريك أو غيره، وكان ربما اخترع الإنسان بناء وكان لغيره، أخبر إكمالاً لتنزيه الآية السالفة وشرحاً له أنه


الصفحة التالية
Icon