أنه لا يفهمه حق فهمه غيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودل على عظمه ما كان لإبراهيم وبنيه بما ظهر من آثاره بمظهر العظمة، وعلى نقصه عما إلى نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتعبير بالوصية فقال: ﴿وما وصينا﴾ أي على ما لنا من العظمة الباهرة التي ظهرت بها تلك المعجزات ﴿به إبراهيم﴾ الذي نجيناه من كيد نمرود بالنار وغيرها ووهبنا له على الكبر إسماعيل وإسحاق، وهو أعظم آباء العرب وهم يدعون أكبر بالآباء فليكونوا على ما وصيناه به ﴿وموسى﴾ الذي أنزلنا عليه التوراة موعظة وتفصيلاً لكل شيء ﴿وعيسى﴾ الذي أنزلنا عليه الإنجيل فيه هدى ونور وموعظة، ودخرناه في سمائنا شريعة الخاتم الفاتح.
ولما اشتد تشوف السامع إلى الموحى الموصى به، أبرزه في أسلوب الأمر فقال مبدلاً من معمول «شرع» أو مستأنفاً: ﴿أن أقيموا﴾ أي أيها المشروع لهم من هذه الأمة الخاتمة ومن الأمم الماضية ﴿الدين﴾ أي الذي اتفق عليه الخلائق بالرجوع إلى ما فطروا عليه وقت الاضطرار وهو التوحيد والوصف بجميع صفات الكمال على الإطلاق وغير ذلك من كل ما أرسل به رسله هذا على تقدير أن تكون ﴿أن﴾ مصدرية، ويجوز أن تكون مفسرة لتقدم ما هو بمعنى القول.