كنتم قد تابعتم العدو الحسود وخالفتم الولي الودود. ولما كان الإخبار بكرّه عليهم ربنا أوهم اتباع أتباعهم له، أزال ذلك الوهم بقوله جواباً لمن كأنه قال: كيف السبيل مع ذلك إلى دخول أحد في هذا الدين، عادلاً عن مظهر العظمة إلى أعظم منه تعظيماً للقدرة على جميع القلوب: ﴿الله﴾ أي الذي له مجامع العظمة ونفوذ الأمر ﴿يجتبي﴾ أي يختار بغاية العناية ويصرف ﴿إليه﴾ أي إلى هذا الدين الذي تدعوهم إليه ﴿من يشاء﴾ اجتباءه.
ولما ذكر سبحانه بهذا المراد بغير تكسب منه، أتبعه المزيد المعنى بالسلوك فقال: ﴿ويهدي إليه﴾ بالتوفيق للطاعة ﴿من ينيب *﴾ أي فيه أهلية لأن يجدد الرجوع إلى مراتب طاعاته كل حين بباطنه بعد الرجوع بظاهر إلى ما كتبه له من الدرجات كأنه كان الوصول إليها قد نزل عنها وهو بترقيه في المنازلات بأحوال الطاعات يرجع إليها.
ولما كان المراد بالمشركين مع عباد الأوثان أهل الكتاب الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله لقبولهم منهم التحليل والتحريم،