من الإكرام الذي من جملته الحلم المقتضي لعدم معاجلتهم بالأخذ فقال تعالى: ﴿ما لم يأذن به الله﴾ أي يمكن العباد منه بأمرهم به وتقريرهم عليه الملك الذي لا أمر لأحد معه، وقد محقت صفاته كل صفة وتضاءل عندها كل عظمة، فأقبلوا عليه دون غيره لكونه معتداً به، فإن كان كذلك فليسعدوا من أقبل على الدنيا التي هي محط أمرهم فلا يعرفون غيرها بأن يعطوه جميع مراده ويشقوا من أراد الآخرة وسعى لها سعيها، ونسب الشرع إلى الأوثان لأنها سببه كما كانت سبب الضلال في قوله سبحانه وتعالى حكاية عن إبراهيم خليله عليه الصلاة والسلام ﴿رب إنهن أضللن كثيراً من الناس﴾ ويضاف الشركاء إليهم تارة لأنهم متخذوها وتارة إلى الله تعالى لأنهم أشركوهم به، والعبارة تأتي بحسب المقام.
ولما علم قطعاً أن التقدير: فلولا أن هذه الأفعال التي يفعلونها من غير إذن منه لا تنقص من ملكه سبحانه شيئاً، ولا تضر إلا فاعلها مع أنها بإرادته، فكانت لمنعهم عنها لم يصلوا إلى شيء منها، عطف عليه قوله تعالى: ﴿ولولا كلمة الفصل﴾ التي سبق في الأزل أنها لا تكون