الأقوال والأعمال والمعارف والأحوال، وفي الآخرة حقيقة بلا زوال ﴿لهم ما يشاؤون﴾ أي دائماً أبداً كائن ذلك لكونه في غاية الحفظ والتربية والتنبيه على مثل هذا الحفظ لفت إلى صفة الإحسان، فقال: ﴿عند ربهم﴾ أي الذي لم يوصلهم إلى هذا الثواب العظيم إلا حسن تربيته لهم، ولطف بره بهم على حسب ما رباهم.
ولما ذكر ما لهم من الجزاء عظمه فقال: ﴿ذلك﴾ أي الجزاء العظيم الرتبة الجليل القدر ﴿هو﴾ لا غيره ﴿الفضل﴾ أي الذي هو أهل لأن يكون فاضلاً عن كفاية صاحبه، ولو بالغ في الإنفاق ﴿الكبير *﴾ الذي ملأ جميع جهات الحاجة وصغر عنده كل ما ناله غيرهم من هذا الحطام، فالآية كما ترى من الاحتباك: أثبت الإشفاق أولاً دليلاً على حذف الأمن ثانياً، والجنات ثانياً دليلاً على حذف النيران أولاً.
ولما ذكر محلهم ومآلهم فيه، بين دوامه زيادة في تعظيمه فقال مبتدئاً: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم من الجنة ونعيمها، وأخبر عن المبتدأ بقوله: ﴿الذي يبشر﴾ أي مطلق بشارة عند من خفف وبشارة كثيرة عند من ثقل، وزاد البشارة بالاسم الأعظم، فقال لافتاً القول إليه: ﴿الله﴾ أي الملك الأعظم والعائد وهو «به» محذوف


الصفحة التالية
Icon