الوحي كما ختم على قلوب أعدائك من قبول ذلك، فتستوي حينئذ معهم في عدم القدرة على الإتيان بشيء منه وتصير لو قلت وقد أعاذك الله عما يقولون مما يصح نسبته إلى الباطل لم تقله إلا ومعه الأدلة قائمة على بطلانه كما أنهم هم كذلك لا يزالون مفضوحين بما على أقوالهم من الأدلة قائمة على بطلانها، وكان الأصل في الكلام: أم يقولون ذلك وأنهم لكاذبون فيه بسبب أن الله قد شرح صدرك وأنار قلبك فلا تقول فولاً إلا كانت الأدلة قائمة على صدقه، ولكنه ساق الكلام هكذا لأنه مع كونه أنصف دال على تعليق بالافتراء على ختم القلوب، وذلك دال قطعاً على أنهم هم الكاذبون لما على قلوبهم من الختم الموجب لأنها تقول ما الأدلة قائمة على كذبه.
ولما كان التقدير كما دل عليه السياق: ولكنه لم يشأ ذلك، بل شاء جعله قابلاً لروح الوحي واعياً لفنون العلم فهو يقذف بأنواع المعارف، ويهتف بتلقي أعاجيب اللطائف، ويثبت الله ذلك كله من غير


الصفحة التالية
Icon