وإخراج الأقوات إنما هو عادة الدهر بين أنه سبحانه هو الفاعل لذلك بقدرته واختياره بما هو كالشمس من أنه قد يحبس المطر عن إبانه وإعادته في وقته وأوانه، حتى ييأس الناس منه ثم ينزله إن شاء، فقال معبراً بالضمير الذي هو غيب لأجل أن إنزال الغيث من مفاتيح الغيب: ﴿وهو﴾ أي لا غيره قادر على ذلك فإنه هو ﴿الذي ينزل الغيث﴾ أي المطر الذي يغاث به الناس أي يجابون إلى ما سألوا ويغاثون ظاهراً كما ينزل الوحي الذي يغاثون به ظاهراً وباطناً.
ولما كان الإنزال لا يستغرق زمان القنوط، أدخل الجار فقال: ﴿من بعد ما قنطوا﴾ أي يئسوا من إنزاله وعملوا انه لا يقدر على إنزاله غيره، ولا يقصد فيه سواه، ليكون ذلك أدعى لهم إلى الشكر وينشره - هكذا كان الأصل ولكنه لما بين أنه غيث قال بياناً لأنه رحمةً، وتعميماً لأثره من النبات وغيره: ﴿وينشر رحمته﴾ أي على السهل والجبل فينزل من السحاب المحمول بالريح من الماء ما يملأ الأرض


الصفحة التالية
Icon